خطاب

وزير الخارجية يختتم القمة العالمية لإنهاء العنف الجنسي في حالات الصراع

ويليام هيغ: إلحاق العار بالضحايا لا يعتبر ظلما وحسب، بل إنه في غير محله نهائيا ولا يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government
Foreign Secretary closes Global Summit to End Sexual Violence in Conflict' within

لم يسبق لي أن شهدت من قبل بحكم منصبي وزيرا للخارجية مثل هذا التجمع غير العادي والملهم حول أي قضية سياسة خارجية كالذي شهدناه في الأيام القليلة الماضية.

فالكثير من الناس بذلوا جهود جمة على مدى سنوات طويلة حول هذا الموضوع، وكانت الظروف تبدو دائما ضدهم.

لكن يتضح من هذه القمة أن باستطاعتنا حشد جيش من أنحاء العالم - جيش مؤلف من مختلف الأعمار ومن مختلف مشارب الحياة ومن من كل الأديان والديانات ومن مختلف الثقافات التي يمكن أن تُعقل، من الفنانين وحتى الخبراء القانونيين والأطباء، وتجمعهم الرؤية المشتركة لإنهاء الاغتصاب والعنف الجنسي في الحروب. والآن، وبعد أن حشدنا هذا الجيش فإنه لن يُفَضّ، بل إنه سيمضي لتحقيق النجاح.

إنه حشد فريد لأنه ليس مؤلفا من الرجال حصرا أو عموما، بل يستقي أيضا جزءا كبيرا من قوته من النساء.

والحكايات التي استمعنا إليها حول المعاناة التي تم التغلب عليها والمجتمعات التي أعيد بناؤها بفضل جهود وصمود وحكمة النساء كانت مصدر إلهام حقيقي لنا خلال هذا الأسبوع.

وواقع أننا لم نولي هذا الموضوع من قبل الاهتمام الذي يستحقه يرجع إلى حد كبير لمواقف وإخفاقات اجتماعية: إخفاقنا بعدم رفضنا وإدانتنا بحسم لإنكار وكبت التعبير التام عن حقوق النساء على مدى فترة طال أمدها.

فقد تسامحنا وما زلنا نتسامح مع مختلف أشكال العنف والتمييز ضد النساء في كافة أركان العالم، ومازالت النساء لا تشغلن المكانة التي يستحققنها في اقتصادات وسياسات وحكومات الكثير من الدول.

ويحزنني أن مازال يتعين على النساء والجماعات النسائية المطالبة بالمشاركة ضمن المفاوضين حول طاولة المفاوضات، وكأن ذلك امتياز يُمنح أو حق يُعطى لهن ويُحسدن عليه، بينما في الواقع هو السبيل الوحيد لاتخاذ قرارات أفضل وبناء مجتمعات أقوى وأكثر أمانا.

يجب ألا يكون هناك داعٍ لتذكيرنا، كحكومات، بضرورة تخصيص مقاعد للنساء في كل ملتقى تتخذ فيه القرارات، كما أن تغيير عادات تُمارَس منذ عقود وتحقيق أسبقيات وأنماط جديدة تنطوي على مشاركة نسائية تامة يجب ألا يكون بمثل هذه الصعوبة التي نشهدها.

وبكل تأكيد حين ننجح مستقبلا بالعودة لاستئناف محادثات السلام في سورية فليس هناك من عذر لعدم إشراك النساء مشاركة كاملة في هذه المحادثات.

وإن كان هناك انطباع عام وقناعة أحملهما معي بعد هذه الأيام الأربعة، من بين الكثير جدا من التجارب المثرية والملهمة خلال القمة، فإن ذلك هو أن كل الناجين من الاغتصاب - سواء كانوا رجالا أو نساء، فتيات أو فتيان - الذين يمكنهم الحديث عن تجاربهم التي مروا بها وتحويل معاناتهم إلى مصدر قوة وحكمة وتعاطف مع الآخرين هم أشخاص لديهم شجاعة وقوة وقيادة حقيقية.

إننا بحاجة لأن تتخلل الحكمة والتجارب التي جمعتها هذه القمة كافة جهودنا وسياستنا الخارجية.

وعلينا أن نكون واضحين تماما في أنحاء العالم بأن إلحاق العار بالضحايا لا يعتبر ظلما وحسب، بل إنه في غير محله نهائيا ولا يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة، وهو يحجب الإنسانية التي نشترك بها وكذلك المساهمات الكبيرة التي يمكن، بل ويجب، إتاحة الفرصة للضحايا لتقديمها لمجتمعاتهم.

إن وصمة العار التي يتسبب بها الاغتصاب لا تحتمل لأنها تراكم ظلما فوق ظلم، وتدفع بمن عانوا نتيجته إلى تهميش وعزلة أكثر عمقا في مجتمع تكون فيه أدوات حفظ واستعادة كرامتهم أكثر بعدا عن متناول أيديهم.

وإنني آمل بصدق بأن تكون إحدى نتائج هذه القمة تغيير نظرة المشاركين فيها تجاه الناجين ليس فقط من جرائم الاغتصاب، بل أيضا من الكثير من المظالم الكبيرة الأخرى التي تشوه العالم.

وأعتقد بأنني بعد أربع سنوات من خدمتي كوزير خارجية المملكة المتحدة، وستة وعشرين سنة من خدمتي في الحياة العامة فيها، أصبحت على قناعة بأن أعظم جائزة استراتيجية في قرننا هي التمكين الاجتماعي والسياسي والاقتصادي التام للنساء في كل مكان، وهذا الموضوع يمثل جزءا من ذلك.

وأعتقد فيما يتعلق بقضية العنف الجنسي، والتي تمثل جزءا هاما من تمكين النساء، بأننا حققنا تقدما هائلا خلال الأسبوع الحالي، وأشيد بكافة القادة الذين تحدثوا خلال هذه القمة، ولن أذكرهم بالاسم نظرا لكثرتهم، والذين انضموا للنداء للتحرك لأجل إنهاء العنف الجنسي.

وكم كانت كلمة وزير الخارجية كيري كلمة رائعة وقوية في ختام هذه القمة.

وإنني أفتخر بحضور ما يفوق 70 وزيرا، وممثلين عن أكثر من 123 بلدا، في هذه القمة التي عكست وحدة وإرادة سياسية لم يسبق لهما مثيل حول هذا الموضوع.

وقد شارك 1000 خبير في 20 جلسة بحثوا خلالها كافة أوجه هذا الموضوع، من الأطفال المتضررين من الصراع وحتى التحقيق بهذه الجرائم والملاحقة القضائية لمرتكبيها، ودور القيادات الدينية، وإصلاح الجيش وقوات حفظ السلام، وسبل منع وقوع العنف الجنسي في حالات الطوارئ الإنسانية والاستجابة لدى وقوعه.

إننا شهدنا دعما واسع النطاق لأول بروتوكول دولي حول كيفية توثيق جرائم العنف الجنسي والتحقيق بها، والتزاما بترجمته وتوزيعه وتطبيقه بالكامل.

كما شهدنا تقديم دعم مالي للناجين من هذه الجرائم، بما في ذلك من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؛ ووضع استراتيجيات وخطط وطنية جديدة - بما في ذلك في الصومال - بدعم من المجتمع الدولي؛ ودعم جديد لمساعدة ملايين أخرى من الأطفال للالتحاق بالمدارس في نيجيريا؛ وعشرات آلاف المواطنين انضموا إلينا هنا وشاركوا في فعاليات أقيمت في أنحاء العالم وعلى مدار الساعة لجعل هذه القمة فريدة حقا لا مثيل لها.

والآن عملنا الكثير خلال الأسبوع الحالي، وعلينا الاستمرار بعمل المزيد وتسريع جهودنا في الشهور والسنوات المقبلة.

علينا متابعة تطبيق البروتوكول الدولي والتحرك تجاه اتخاذ إجراءات عملية تؤدي لإحداث تغيير على أرض الواقع في بعض من أكثر الدول تضررا من هذه الجريمة.

وسوف نستشيركم جميعا حول كيفية المضي في ذلك، استنادا للكثير من الأفكار القوية التي طرحت خلال هذه القمة. وبالطبع فإن الكثير من هذه الأفكار اقترحها الشباب والشابات الذين أبدوا بكل روعة مشاعرهم وقوة إرادتهم وابتكاراتهم.

وبالتالي أتوجه بالشكر إليكم جميعا لمشاركتكم في هذه القمة العالمية. وآمل أن تكون هذه لحظة نتذكرها مستقبلا ونقول بأن تلك هي اللحظة التي بدأنا فيها ننكفئ نحو التغيير.

تلك هي اللحظة التي بدأنا فيها نعكس الوضع الذي كان سائدا.

تلك هي اللحظة التي برهنا فيها لملايين الناس أن من الممكن تحقيق النجاح في القضاء على العنف الجنسي في الصراع.

لكن جهودنا لن تخبو، ولن نستريح بأي وقت في الشهور المقبلة كي نضمن أن الالتزامات الكثيرة والمساندة الهائلة التي شهدناها خلال هذا الأسبوع من كافة أنحاء العالم هنا في لندن ستتحول إلى تطبيق عملي.

أشكركم جميعا لكونكم جزءا منها.

المزيد من التفاصيل عن القمة

تاريخ النشر 13 June 2014